فصل: الإنفاق والخلاص من المآزق:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.أبحاث تتعلق بالآية:

.الإنفاق والخلاص من المآزق:

هذه الآية تكمّل ما مرّ من آيات الجهاد فكما أنّ الجهاد بحاجة إلى الرجال المخلصين والمجرّبين كذلك بحاجة إلى المال والثروة أي بحاجة إلى الاستعداد البدني والمعنوي والمعدّات الحربيّة، صحيح أن العامل الحاسم في تقرير مصير الحرب هو الرجال بالدّرجة الأولى، ولكنّ الجندي بحاجة إلى أدوات الحرب أعمّ من السلاح والأدوات ووسائل النقل والغذاء والوسائل الصحيّة فإنّه بدونها لا يمكنه أن يفعل شيئًا.
من هنا أوجب الإسلام تأمين وسائل الجهاد مع الأعداء، ومن ذلك ما ورد في الآية أعلاه حيث تأمر بصراحة {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة}.
وهذا المعنى يتأكّد خاصّة في عصر نزول هذه الآيات حيث كان المسلمون في شوق شديد إلى الجهاد كما يحدّثنا القرآن عن أولئك الّذين أتوا النبي يطلبون منه السلاح ليشاركوا في ساحة الجهاد وإذ لم يجدوا ذلك عادوا مهمومين محزونين {تولّوا وأعينهم تفيض من الدّمع حزنًا ألاّ يجدوا ما ينفقون}.
فعبارة {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} بالرّغم من أنّها واردة في ترك الإنفاق في الجهاد الإسلامي، ولكنّ مفهومها واسع يشمل موارد أخرى كثيرة، منها أنّ الإنسان ليس له الحقّ في اتّخاذ الطرق الخطرة للسّفر سواء من الناحية الأمنيّة أو بسبب العوامل الجويّة أو غير ذلك دون أن يتّخذ لنفسه الاحتياطات اللاّزمة لذلك، كما لايجوز له تناول الغذاء الّذي يحتمل قويًّا أن يكون مسمومًا وحتّى أن يرد ميدان القتال والجهاد دون تخطيط مدروس، ففي جميع هذه الموارد الإنسان مسئول عن نفسه في ما لو ألقى بها في الخطر بدون عذر مقبول. اهـ.

.الإنفاق مانع عن انهيار المجتمع:

هناك ارتباط معنوي بين جملة {وأنفقوا في سبيل الله} و{لا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة} بملاحظة أنّ عبارات الآيات القرآنية مترابطة ومتلازمة، والظّاهر أنّ الرّابطة بين هاتين العبارتين هو أنّكم لو لم تنفقوا في سبيل الله وفي مسار الجهاد فقد ألقيتم أنفسكم في التّهلكة.
ويمكن أن يكون الارتباط أكثر من ذلك وهو أن نقول: إنّ هذه الآية بالرّغم من أنّها وردت في ذيل آيات الجهاد، ولكنّها تبيّن حقيقة كليّة واجتماعيّة، وهي أنّ الإنفاق بشكل عام سبب لنزاهة المجتمع من المفاسد المدمّرة، لأنه حينما يترك أفراد المجتمع الإنفاق وتتراكم الثروة في أحد أقطاب المجتمع تنشأ طبقة محرومة بائسة، ولا يلبث أن يحدث انفجار عظيم فيه يحرق الأثرياء وثروتهم ويتّضح من ذلك إرتباط الإنفاق بابعاد التهلكة.
ومن هنا فالإنفاق يعود بالخير على الأثرياء قبل أن يصيب خيره المحرومين، لأنّ تعديل الثروة يصون الثروة.
وبتعبير بعض المفسّرين أنّ الامتناع من الإنفاق في سبيل الله يؤدّي إلى موت الرّوح الإنسانيّة في الفرد بسبب البخل، وكذلك يؤدّي إلى موت المجتمع بسبب الضعف الاقتصادي وخاصّةً في النظام الإسلامي المبتني على أساس الإحسان والخير.

.سوء الاستفادة من مضمون الآية:

تقدّم أنّ بعض أهل الدنيا من طلاّب العافية تمسّكوا في هذه الجملة من هذه الآية: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة} للفرار من الجهاد في سبيل الله.
وهناك تباين بين مفهومي التهلكة والشّهادة، فالتّهلكة تعني الموت بدون دليل موجّه، في حين أنّ الشهادة تعني تضحية الفرد في سبيل هدف مقدّس ونيل الحياة الأبديّة الخالدة.
ويجب الالتفات إلى هذه الحقيقة، وهي أنّ نفس الإنسان ليست أثمن شيء في وجوده، فهناك حقائق أثمن للنفس مثل الإيمان بالله والاعتقاد بالإسلام وحفظ القرآن وأهدافه المقدّسة، بل حفظ حيثيّة وعزّة المجتمع الإسلامي، فهذه أهداف أسمى من التّهلكة، ولم ينهَ عنها الشرع المقدّس إطلاقًا. اهـ.

.ما هو المنظور من الإحسان:

المراد من الإحسان عادةً هو الإنفاق وبذل الخير إلى الآخرين ولكن تارةً يأتي بمعنًى أوسع ويشمل بذلك كلّ عمل صالح بل حتّى الدوافع في العلم الصالح أيضًا كما ورد في الحديث النبوي الشريف في تفسير الإحسان «أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك».
ومن البديهي أنّه لو كان إيمان الفرد بحيث كأنّه يرى الله سبحانه تعالى ويعتقد بأنّه حاضرٌ وناظرٌ في كلّ الأحوال فسوف يهتم بالإتيان بالأعمال الصالحة ويتجنّب كلّ ذنب ومعصية. اهـ.

.بحث نفيس وقيم وجامع في باب الجهاد لصاحب الميزان ردا على شبه أعداء الإسلام وأدعياء المدنية:

قال رحمه الله:
ختم سبحانه وتعالى الكلام بالإحسان فقال: {وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}، وليس المراد بالإحسان الكف عن القتال أو الرأفة في قتل أعداء الدين وما يشبههما بل الإحسان هو الإتيان بالفعل على وجه حسن بالقتال في مورد القتال، والكف في مورد الكف، والشدة في مورد الشدة، والعفو في مورد العفو، فدفع الظالم بما يستحقه إحسان على الإنسانية باستيفاء حقها المشروع لها، ودفاع عن الدين المصلح لشأنها كما أن الكف عن التجاوز في استيفاء الحق المشروع بما لا ينبغي إحسان آخر ومحبة الله سبحانه وتعالى هو الغرض الأقصى من الدين، وهو الواجب على كل متدين بالدين أن يجلبها من ربه بالاتباع، قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} [آل عمران- 31]، وقد بدأت الآيات الشريفة- وهي آيات القتال- بالنهي عن الاعتداء وأن الله لا يحب المعتدين وختمت بالأمر بالإحسان وأن الله يحب المحسنين، وفي ذلك من وجوه الحلاوة ما لا يخفى الجهاد الذي يأمر به القرآن كان القرآن يأمر المسلمين بالكف عن القتال والصبر على كل أذى في سبيل الله سبحانه وتعالى، كما قال سبحانه وتعالى: {قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد} إلى قوله: {لكم دينكم ولي دين} [الكافرون- 6]، وقال تعالى: {واصبر على ما يقولون} [المزمل- 10]، وقال تعالى: {ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال} [النساء- 77]، كأن هذة الآية تشير إلى قوله سبحانه وتعالى: {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [البقرة- 110].
ثم نزلت آيات القتال فمنها آيات القتال مع مشركي مكة ومن معهم بالخصوص كقوله تعالى: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله} [الحج- 40]، ومن الممكن أن تكون هذه الآية نزلت في الدفاع الذي أمر به في بدر وغيرها، وكذا قوله: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما تعملون بصير وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير} [الأنفال- 40]، وكذا قوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} [البقرة- 190].
ومنها آيات القتال مع أهل الكتاب، قال تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} [التوبة- 29].
ومنها آيات القتال مع المشركين عامة، وهم غير أهل الكتاب كقوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة- 5]، وكقوله تعالى: {قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة} [التوبة- 36].
ومنها ما يأمر بقتال مطلق الكفار كقوله تعالى: {قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة} [التوبة- 123].
وجملة الأمر أن القرآن يذكر أن الإسلام ودين التوحيد مبني على أساس الفطرة وهو القيم على إصلاح الإنسانية في حيوتها كما قال تعالى: {فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون} [الروم- 30]، فإقامته والتحفظ عليه أهم حقوق الإنسانية المشروعة كما قال تعالى: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} [الشورى- 13]، ثم يذكر أن الدفاع عن هذا الحق الفطري المشروع حق آخر فطري، قال تعالى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز} [الحج- 40]، فبين أن قيام دين التوحيد على ساقه وحياة ذكره منوط بالدفاع، ونظيره قوله تعالى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض} [البقرة- 251]، وقال تعالى في ضمن آيات القتال من سورة الأنفال: {ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون} [الأنفال- 8]، ثم قال تعالى: بعد عدة آيات: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} [الأنفال- 24]، فسمى الجهاد والقتال الذي يدعى له المؤمنون محييا لهم، ومعناه أن القتال سواء كان بعنوان الدفاع عن المسلمين أو عن بيضة الإسلام أو كان قتالا ابتدائيا كل ذلك بالحقيقة دفاع عن حق الإنسانية في حياتها ففي الشرك بالله سبحانه هلاك الإنسانية وموت الفطرة، وفي القتال وهو دفاع عن حقها إعادة لحياتها وإحيائها بعد الموت.
ومن هناك يستشعر الفطن اللبيب: أنه ينبغي أن يكون للإسلام حكم دفاعي في تطهير الأرض من لوث مطلق الشرك وإخلاص الإيمان لله سبحانه وتعالى فإن هذا القتال الذي تذكره الآيات المذكورة إنما هو لإماتة الشرك الظاهر من الوثنية، أو لإعلاء كلمة الحق على كلمة أهل الكتاب بحملهم على إعطاء الجزية، مع أن آية القتال معهم تتضمن أنهم لا يؤمنون بالله ورسوله ولا يدينون دين الحق فهم وإن كانوا على التوحيد لكنهم مشركون بالحقيقة مستبطنون ذلك، والدفاع عن حق الإنسانية الفطري يوجب حملهم على الدين الحق.
والقرآن وإن لم يشتمل من هذا الحكم على أمر صريح لكنه يبوح بالوعد بيوم للمؤمنين على أعدائهم لا يتم أمره إلا بإنجاز الأمر بهذه المرتبة، من القتال وهوالقتال لإقامة الإخلاص في التوحيد، قال تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} [الصف- 9]، وأظهر منه قوله تعالى: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} [الأنبياء- 105]، وأصرح منه قوله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا}، [النور- 55]، فقوله تعالى: {يعبدونني} يعني به عبادة الإخلاص بحقيقة الإيمان بقرينة قوله تعالى: {لا يشركون بي شيئا}، مع أنه تعالى يعد بعض الإيمان شركا، قال تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} [يوسف- 106]، فهذا ما وعده تعالى من تصفية الأرض وتخليتها للمؤمنين يوم لا يعبد فيه غير الله حقا.
وربما يتوهم المتوهم: أن ذلك وعد بنصر إلهي بمصلح غيبي من غير توسل بالأسباب الظاهرة لكن ينافيه قوله: {ليستخلفنهم في الأرض}، فإن الاستخلاف إنما هو بذهاب بعض وإزالتهم عن مكانهم ووضع آخرين مقامهم ففيه إيماء إلى القتال.
على أن قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذله على المؤمنين اعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم} [المائدة- 54]، على ما سيجئ في محله- يشير إلى دعوة حقة، ونهضة دينية ستقع عن أمر إلهي ويؤيد أن هذه الواقعة الموعودة إنما تقع عن دعوة جهاد.
وبما مر من البيان يظهر الجواب عما ربما يورد على الإسلام في تشريعه الجهاد بأنه خروج عن طور النهضات الدينية المأثورة عن الأنبياء السالفين فان دينهم إنما كان يعتمد في سيره وتقدمه على الدعوة والهداية، دون الإكراه على الإيمان بالقتال المستتبع للقتل والسبي والغارات، ولذلك ربما سماه بعضهم كالمبلغين من النصارى بدين السيف والدم وآخرون بدين الإجبار والإكراه!.
وذلك أن القرآن يبين أن الإسلام مبني على قضاء الفطرة الإنسانية التي لا ينبغي أن يرتاب أن كمال الإنسان في حياته هو ما قضت به وحكمت ودعت إليه، وهي تقضى بأن التوحيد هو الأساس الذي يجب بناء القوانين الفردية والاجتماعية عليه، وأن الدفاع عن هذا الأصل بنشره بين الناس وحفظه من الهلاك والفساد حق مشروع للإنسانية يجب استيفائه بأى وسيلة ممكنة، وقد روعي في ذلك طريق الاعتدال، فبدأ بالدعوة المجردة والصبر على الأذى في جنب الله، ثم الدفاع عن بيضة الإسلام ونفوس المسلمين وأعراضهم وأموالهم، ثم القتال الابتدائي الذي هو دفاع عن حق الإنسانية وكلمة التوحيد ولم يبدأ بشيء من القتال إلا بعد إتمام الحجة بالدعوة الحسنة كما جرت عليه السنة النبوية، قال تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} [النحل- 125]، والآية مطلقة، وقال تعالى: {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة} [الأنفال- 42].
وأما ما ذكروه من استلزامه الإكراه عند الغلبة فلا ضير فيه بعد توقف إحياء الإنسانية على تحميل الحق المشروع على عدة من الأفراد بعد البيان وإقامة الحجة البالغة عليهم، وهذه طريقة دائرة بين الملل والدول فإن المتمرد المتخلف عن القوانين المدنية يدعى إلى تبعيتها ثم يحمل عليه بأي وسيلة أمكنت ولو انجر إلى القتال حتى يطيع وينقاد طوعا أو كرها.
على أن الكره إنما يعيش ويدوم في طبقة واحدة من النسل، ثم التعليم والتربية الدينيان يصلحان الطبقات الآتية بإنشائها على الدين الفطري وكلمة التوحيد طوعا.
وأما ما ذكروه: أن سائر الأنبياء جروا على مجرد الدعوة والهداية فقط فالتاريخ الموجود من حياتهم يدل على عدم اتساع نطاقهم بحيث يجوز لهم القيام بالقتال كنوح وهود وصالح عليهم السلام فقد كان أحاط بهم القهر والسلطنة من كل جانب، وكذلك كان عيسى عليه السلام أيام إقامته بين الناس واشتغاله بالدعوة وإنما انتشرت دعوته وقبلت حجته في زمان طرو النسخ على شريعته وكان ذلك أيام طلوع الإسلام.
على أن جمعا من الأنبياء قاتلوا في سبيل الله تعالى كما تقصه التوراة، والقرآن يذكر طرفا منه، قال تعالى: {وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين} [آل عمران- 147]، وقال تعالى- يقص دعوة موسى قومه إلى قتال العمالقة: {وإذ قال موسى لقومه} إلى أن قال: {يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين} إلى أن قال تعالى: {قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون} [المائدة- 24]، وقال تعالى: {ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله} [البقرة- 246]، إلى آخر قصة طالوت وجالوت.
وقال تعالى في قصة سليمان وملكة سبأ: {ألا تعلوا على وأتوني مسلمين}- إلى أن قال تعالى: {ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون} [النمل- 37]، ولم يكن هذا الذي كان يهددهم بها بقوله: {فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها} إلخ إلا قتالا ابتدائيا عن دعوة ابتدائية. اهـ.